في لحظة يتقاطع فيها قرار السياسة النقدية مع تفاصيل الحياة اليومية للمواطنين، تعود الحسابات البنكية لتتصدر المشهد من جديد، ليس باعتبارها أرقامًا جامدة، بل كمرآة تعكس اتجاهات الاقتصاد وتأثيراته المباشرة على الفئات الأكثر ارتباطًا بالاستقرار المالي، وفيما يخص أصحاب المعاشات.
أصحاب المعاشات، الذين يترقبون أي تغيير يمس دخولهم الشهرية، وجدوا أنفسهم هذا الأسبوع أمام معادلة جديدة، فرضتها تحركات أسعار الفائدة وتداعياتها على المنتجات المصرفية.
ومع إعلان البنك المركزي المصري خفض أسعار الفائدة، بدأت البنوك في مراجعة أوضاعها، وكان بنك مصر من أوائل المؤسسات التي بادرت بإعادة ضبط أحد أبرز حساباته المرتبطة بالمعاشات، في خطوة تحمل أبعادًا اقتصادية وتنظيمية تتجاوز مجرد نسبة مئوية، وفيما يخص أصحاب المعاشات.
تعديل جديد على الحساب الجاري المخصص لأصحاب المعاشات
أعلن بنك مصر، اليوم الأحد، إجراء تعديل جديد على الحساب الجاري المخصص لأصحاب المعاشات، يقضي بخفض العائد الشهري بنسبة 1%، ليصبح 14.75% بدلًا من 15.75%، وذلك في استجابة مباشرة لقرار البنك المركزي المصري الأخير بخفض أسعار الفائدة.
ويُعد الحساب الجاري لأصحاب المعاشات أحد المنتجات المصرفية التي تحظى بإقبال واسع، نظرًا لما يوفره من عائد دوري وخدمات بنكية ميسرة، حيث يتيح البنك فتح الحساب بحد أدنى يبلغ 1000 جنيه فقط، مع صرف العائد بصورة شهرية، وفقًا للضوابط والشروط المحدثة التي أعلنها البنك.
ورغم خفض العائد، حافظ الحساب على باقة المزايا المصاحبة له، إذ يمكن للعملاء الحصول على دفاتر شيكات لتسهيل عمليات السحب والدفع، إلى جانب إمكانية إجراء مختلف المعاملات البنكية من خلال شبكة فروع بنك مصر المنتشرة في جميع المحافظات. كما يستفيد أصحاب الحساب من الإعفاء الكامل من المصروفات الإدارية، فضلًا عن استخدام ماكينات الصراف الآلي على مدار 24 ساعة دون قيود.
ويمتد نطاق الخدمات ليشمل القنوات الرقمية، حيث يمكن للعملاء الاستعلام عن أرصدة حساباتهم وتنفيذ عدد كبير من العمليات البنكية مجانًا عبر خدمة الإنترنت البنكي وتطبيق الهاتف المحمول، ما يعزز من سهولة التعامل ويقلل الحاجة إلى التوجه للفروع. كما يتيح البنك إمكانية فتح حساب مشترك باسم أكثر من شخص، وهو خيار يلبي احتياجات بعض الأسر وأصحاب المعاشات الراغبين في إدارة أموالهم بشكل جماعي.
ويأتي هذا القرار في أعقاب إعلان لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، الخميس الماضي، خفض أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية بمقدار 100 نقطة أساس، لتسجل 20% و21% و20.5% على الترتيب، مع خفض سعر الائتمان والخصم إلى 20.5%.
وأوضح البنك المركزي، في بيانه، أن هذا التوجه يعكس تقييمًا شاملًا لأحدث تطورات معدلات التضخم وتوقعاتها خلال الفترة المقبلة، مشيرًا إلى أن الضغوط التضخمية باتت أكثر استقرارًا مقارنة بالفترات السابقة.
وعلى الصعيد العالمي، أشار المركزي إلى أن الاقتصاد الدولي يواصل تعافيه بشكل نسبي، رغم استمرار حالة عدم اليقين المرتبطة بالسياسات التجارية والتوترات الجيوسياسية، إلى جانب تباطؤ نمو الطلب العالمي.
كما لفت إلى أن البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة والناشئة تتبنى حاليًا نهجًا حذرًا يقوم على التيسير التدريجي للسياسات النقدية.
وتعكس قرارات البنوك، وفي مقدمتها بنك مصر، محاولات الموازنة بين متطلبات السياسة النقدية والحفاظ على جاذبية المنتجات المصرفية، خاصة تلك الموجهة لفئات تعتمد على العائد الشهري كمصدر أساسي للدخل، في ظل مرحلة اقتصادية تشهد إعادة رسم للسياسات المالية وأسعار الفائدة.


















0 تعليق