قال الداعية جابر البغدادي :إن قول: «لا إله إلا أنت سبحانك أني كنت من الظالمين» على المسلم أن يلزمها دون التقيد بعدد معين لأن الإنسان حين يقول هذا الذكر بحق، فهو يعلن اعترافه بتخليه عن جميع الأسباب، وأن كل ما يظنه أسبابًا للحل قد لا تكون كذلك؛ فالمرض قد لا يكون له دواء، والمشكلة قد تبدو بلا مخرج، وهنا يأتي معنى «سبحانك» أي تنزيه الله عن أوهامنا وتصوراتنا الخاطئة.
«لا إله إلا أنت سبحانك»
وأوضح أن كثيرًا من الناس يعلّقون قلوبهم بأسباب يظنونها أصل النجاة، فيعتمدون على المال، أو العلاقات، أو القدرات الشخصية، أو النفوذ والسلطة، بينما الحقيقة أن الاعتماد على الأسباب وحدها لا ينقذ الإنسان، بل قد يزيده ضيقًا وتيهًا.
وأضاف أن التسبيح الحقيقي لا يظهر إلا عندما تنقطع الأسباب، وعندما يصل الإنسان إلى مرحلة يدرك فيها أن لا ملجأ له إلا الله، ففي هذه اللحظة فقط يعرف معنى «لا إله إلا أنت»، ويذوق حلاوة التفويض الكامل.
وتوقف الداعية عند قول الله تعالى:«وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ»، مشيرًا إلى أن ضيق الصدر هنا لا يُقاس بمقاييس البشر، فصدر النبي ﷺ ليس كصدورنا، بل هو وعاء الكون كله، ومع ذلك يخاطبه الله بهذا اللطف والرحمة.
وبيّن أن التقوى محلها القلب، كما أشار النبي ﷺ بقوله: «التقوى هاهنا»، أي أنها تنبع من القلب ثم تنعكس على الجوارح والعالم كله، ومن هنا نفهم كيف يكون الضيق، وكيف يكون التسبيح، وكيف يكون الالتجاء الصادق إلى الله.
وختم بقوله:إن «لا إله إلا أنت سبحانك» ليست كلمة تُقال وقت الشدة فقط، بل مفتاح نجاة، وإعلان فقر، وتسليم كامل لله، حين يعجز العقل، وتسقط الأوهام، وتنقطع الأسباب.


















0 تعليق