نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حتى البرد يرفع فاتورة الكهرباء!, اليوم الاثنين 22 ديسمبر 2025 11:46 مساءً
تعد سخانات المياه أحد العناصر الأساسية التي لا يخلو منها أي قطاع، سواء كان سكنيا أو تجاريا أو صناعيا، وهي تستهلك قدرا هائلا من الطاقة الكهربائية والحرارية حول العالم. تشير الإحصائيات الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية (IEA) في تقاريرها المحدثة لعام 2023 إلى أن تسخين المياه يمثل حوالي 10% إلى 15% من إجمالي استهلاك الطاقة في المباني السكنية عالميا، وفي بعض الدول الباردة قد تصل هذه النسبة إلى 20%، مما يجعلها ثاني أكبر مستهلك للطاقة في المنزل بعد أنظمة التدفئة والتكييف.
من منظور هندسي، تنقسم السخانات إلى عدة أنواع رئيسية، أكثرها شيوعا هو السخان التقليدي ذو الخزان، الذي يعتمد على مبدأ المقاومة الكهربائية لتسخين المياه وتخزينها لحين الاستخدام، ورغم بساطته، فإنه يعاني من فقد حراري مستمر نتيجة بقاء الماء ساخنا داخل الخزان لفترات طويلة. في المقابل، برزت السخانات الفورية كبديل عصري، حيث تقوم بتسخين الماء مباشرة عند مرورها عبر الأنابيب دون الحاجة لخزان، مما يوفر مساحة كبيرة ويقضي على الفقد الحراري أثناء الانتظار، لكنها تتطلب قدرة كهربائية عالية جدا لحظة التشغيل قد لا تتحملها التمديدات القديمة في بعض المنازل.
أما في القطاعات الكبرى والمجمعات الصديقة للبيئة، فقد بدأ الاعتماد يتزايد على سخانات المضخات الحرارية، وهي تقنية ذكية لا تولد الحرارة مباشرة من الكهرباء، بل تسحب الحرارة من الهواء المحيط وتنقلها إلى الماء، مما يجعلها توفر ما يصل إلى ثلاثة أضعاف الطاقة مقارنة بالسخانات التقليدية. ولا يمكننا إغفال السخانات الشمسية التي تستغل الطاقة النظيفة والمجانية من الشمس، وهي الخيار الأمثل في المناطق التي تتمتع بسطوع شمسي جيد، حيث تتكون من لاقطات حرارية وخزان معزول، مما يقلل فاتورة الكهرباء بنسبة قد تصل إلى 70% سنويا.
وعند الحديث عن السخانات المركزية للمنازل، فهي تمثل نقلة نوعية في الراحة لكنها تحمل تحديات كبيرة في كفاءة الطاقة، فمن إيجابياتها أنها توفر ضغط مياه ثابتا وكميات وفيرة تغطي جميع مرافق المنزل في وقت واحد، وتغني عن وجود سخانات متعددة في كل حمام مما يسهل عمليات الصيانة ويقلل من مخاطر التمديدات الكهربائية داخل أماكن الرطوبة، إلا أن سلبيتها الكبرى تكمن في «فقد الطاقة عبر التوزيع»، حيث تضطر المياه الساخنة لقطع مسافات طويلة في أنابيب ممتدة تحت الجدران أو الأسقف، مما يتسبب في تبريدها قبل وصولها للصنبور إذا لم تكن الأنابيب معزولة حراريا بشكل احترافي.
إن الوعي بطرق توفير الطاقة في هذه الأنظمة يبدأ من خطوات بسيطة لكنها هندسيا ذات أثر كبير، أولها هو ضبط درجة حرارة الثرموستات عند 60 درجة مئوية، حيث إن رفعها أكثر من ذلك يؤدي لزيادة استهلاك الكهرباء دون فائدة حقيقية ويعرض التوصيلات للتلف السريع. كما أن عزل أنابيب المياه الساخنة الخارجة من السخان يقلل من فقدان الحرارة أثناء انتقال الماء، مما يحافظ على سخونته لفترة أطول.
من الضروري أيضا إجراء صيانة دورية تتمثل في تفريغ جزء من ماء الخزان كل ستة أشهر لإزالة الرواسب الكلسية التي تتراكم في القاع وتؤثر بشكل مباشر على القطب الحراري الداخلي للسخان، حيث تتراكم الأملاح والمعادن حول هذا القطب لتشكل طبقة صلبة تعمل كعازل حراري قوي يمنع وصول الحرارة إلى الماء بكفاءة، وهذا يعني أن القطب يضطر للعمل لفترات زمنية أطول وبدرجة حرارة داخلية مرتفعة جدا، مما يؤدي لاحتراقه أو استهلاك طاقة كهربائية مضاعفة لإنتاج كمية المياه الساخنة نفسها.
في القطاعات الصناعية والمركزية، يفضل دائما استخدام أنظمة التدوير الذكية التي تعمل بمؤقتات زمنية، بحيث لا يتم تدوير المياه الساخنة في الأنابيب إلا في ساعات الذروة، مما يمنع الهدر الحراري المستمر الناتج عن تبريد الماء داخل المواسير. أخيرا، ينصح دائما عند شراء سخان جديد بالبحث عن الملصقات التي توضح كفاءة الطاقة واختيار الأنظمة ذات السعة المناسبة لعدد أفراد الأسرة، لأن السخان الكبير جدا يعني تسخين كميات ضخمة من الماء لا يحتاجها المستخدم، وهو ما يمثل هدرا صريحا للموارد المالية والكهربائية.
HUSSAINBASSI@

















0 تعليق